نورد في ما يلي بعض أبرز التطورات حول نشاطات اللوبيات اليهودية في العالم في الأسبوع الأخير، وخصوصاً التطورات التي لم تحظَ بتغطية إعلامية وافية، مع تعليق موجز حول آثار هذه التطورات على نفوذ المافيا اليهودية الإحتكارية الدولية، سلباً أو إيجابا.
اللوبي اليهودي في روسيا: خلفيات تبرئة التقرير الروسي حول وفاة الرئيس عرفات اليهود من تهمة التسميم
صدر التقرير الروسي حول تحليل العيّنات المأخوذة من جثمان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وقد توصل التقرير الروسي إلى أن أسباب وفاة عرفات كانت "طبيعية"، وليست ناجمة عن التسمم بمواد مشعّة. وقد أتى هذا التقرير مطابقاً من هذه الناحية لما كانت لجنة التحقيق الفرنسية قد توصلت إليه، في حين أن لجنة التحقيق السويسرية التي أجرت التحقيقات كانت قد أفادت بموجود كميات غير إعتيادية من المواد المشعة في حسم الرئيس الراحل.
وعلق رئيس المعهد السويسري الذي أجرى الإختبارات على عيّنات جثمان الرئيس عرفات على نتائج التحقيق الروسي، وقال في حديث أجرته معه وكالة الصحافة الفرنسية أن النتائج الروسية ليس لها "أي أساس علمي"، وأن الروس نشروا ما ذكروا أنهم توصلوا إليه من دون تقديم أي دليل بالأرقام أو الحقائق العلمية. ومن هنا، وعلى حدّ ما ورد حرفياً على لسان هذا العالم السويسري "بالنسبة إلي فإن التقرير فارغ. إنه بمثابة ‘تصريح سياسي‘ وحسب."
بالنسبة إلينا، فإن الطبيعة السياسية للتقرير الروسي تبدو واضحة جداً، تماماً كما كان الأمر عليه بالنسبة إلى التقرير الفرنسي: في ما يختص بفرنسا، فإن الرئيس الإشتراكي فرنسوا هولاند François Hollandeبحاجة ماسة إلى دعم اليهود له في المرحلة الراهنة حيث بلغت شعبيته مستويات قياسية لجهة تدني نسبة المؤيدين له ولسياساته، فضلاً عن أن العلاقات القائمة بين الإشتراكيين الفرنسيين واليهود كانت علاقات مميزة على مدى العقود...
في ما يتعلق بروسيا، فإن المسألة هي أكثر تعقيداً، حيث أن الحكام الروس هم دون شك أقل أرتباطاً بجماعات اللوبي اليهودي، وبالكيان الصهيوني "إسرائيل", على أن روسيا سوف تستضيف دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في العام القادم 2013، وكان هناك إحتمال قوي بأن تتعرض هذه الدورة لحملة مقاطعة من جانب البلدان الغربية شبيهة بحملة مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي جرت في العاصمة الروسية موسكو في 1980 (بسبب دخول القوات السوفياتية أفغانستان حينها).
ولم يكن التقرير الروسي "الفارغ من أي مضمون علمي" على حدّ تعبير المرجع العلمي السويسري المرموق المُشار إليه هو الوحيد الذي أتى مؤخراً ليبين سعي الحكام الروس تخفيف حالة "الخصومة" النسبية القائمة بينهم وبين جماعات اللوبي اليهودي، حيث تزامن نشر التقرير تقريباً مع إصدار الرئيس الروسي بوتين Putinعفواً رئاسياً على المختلس الروسي اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي Mikhail Khodorkovsky، وكذلك الأمر بالنسبة إلى إصدار عفو مماثل عن الراقصات الفضائحيات اللواتي تمت إدانتهن بعد أن رقصن بطريقة بذيئة حقاً في كاتدرائية روسية والمعروفات بـ"مجموعة بوسي رايوت" Pussy Riot, وتجب الإشارة أيضاً إلى أن روسيا تتعرض حالياً لحملة مركزة من جانب وسائل الإعلام في بلدان أوروبا على خلفية الأحداث الأوكرانية...
من هنا فإن السلطات الروسية لا بد وأنها إعتبرت أنه من الأفضل لها مراعاة اللوبي اليهودي ووسائل الإعلام التابعة له في الظرف الراهن، حيث أن المواقف الروسية الأخيرة المستعرضة أعلاه – التقرير وإصدار العفو – لا تمسّ الأمن القومي الروسي ولا المصالح الحيوية لروسيا برأي أصحاب القرار الروسي على ما يبدو...
وبالعودة إلى التقارير بشأن ظروف وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لا بد من التذكير أن سويسرا بلاد حيادية من جهة، وأن المستوى العلمي للمختبرات السويسرية يرقى إلى أرفع المستويات العالمية بشهادة إجماعية من جهة ثانية، وبالتالي فإن التقرير السويسري يبقى هو المُعوّل عليه,,,
اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة: البيت الأبيض يؤكد أن لا تبديل في الموقف الرسمي الأميركي من الجاسوس اليهودي جوناثان بولارد
أعلنت ناطقة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أن لا تبديل مرتقب لموقف الرئاسة الأميركية من مسألة إصدار عفو خاص للجاسوس اليهودي جوناثان بولارد Jonathan Pollardالمعتقل منذ 1985 والذي يقضي عقوبة السجن المؤبد لإدانته إفشاء الأسرار النووية الأميركية للإتحاد السوفياتي السابق مقابل تخفيف القيود على هجرة اليهود من الإتحاد السوفياتي هذا...
وقد أتى هذا الإعلان بعد أن سرت أنباء عن قرب إصدار عفو على خلفية ورود معلومات حول تنصت الأميركيين على إنصالات كبار مسؤولي الكيان اليهودي "إسرائيل"، وأيضاً من أجل تشجيع أميركا الكيان على تقديم بعض التنازلات في المفاوضات المرتقبة مع السلطة الفلسطينية المحدودة في الضفة الغربية.
والمعروف أن معظم الرؤساء الأميركيين كانوا ميالين لإصدار عفو عن بولارد منذ تسعينات القرن العشرين مراضاة لليهود، على أنهم إمتنعوا عن ذلك بسبب المعارضة المشددة التي أبدتها الدوائر العسكرية والمخابراتية الأميركية إزاء الأمر... مع الإشارة أيضاً إلى أن الرأي العام الشعبي الأميركي بات الآن شديد التشكيك إزاء اليهود والطبيعة المافياوية الإحتكارية للوبي اليهودي في الولايات المتحدة...
قضية جديدة لبيع "إسرائيل" الصين تكنولوجيا عسكرية أميركية حساسة
أفادت صحيفة معاريف "الإسرائيلية" بأن مدير مكتب الصادرات العسكرية بالكيان اليهودي إضطر لتقديم إستقالته بضغط شديد مارسته الإدارة الأميركية على الحكومة "الإسرائيلية"، وذلك بعد إصداره إجازة لبيع نظم لتبريد الصواريخ العسكرية إلى الصين، علماً أن هذه النظم تعتمد على تكنولوجيا أميركية، وقد حصلت عليها "إسرائيل" بموجب الإتفاقات التكنولوجية العديدة التي تربطها بالولايات المتحدة...
هذه القضية ليست الأولى من نوعها، حيث تدأب "إسرائيل" منذ عدة سنوات إلى إقامة روابط إقتصادية وتكنولوجية وثيقة للغاية مع جمهورية الصين الشعبية، وذلك لأسباب مادية أولاً، وثانياً في سياق مساعي اللوبي اليهودي العالمي كسب صداقات جديدة لليهود لضمان إستمرارية الكيان الصهيوني "إسرائيل" في حال نشوب موجة جديدة من "العداء للسامية" في البلدان الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة نفسها، حيث أن هذه الموجة لا بد أن تؤدي إلى وقف الدعم المالي والسياسي الذي يحصل عليه اليهود من قبل هذه البلدان...
راحيم عمانوئيل يزور الصين
قام عمدة مدينة شيكاغو اليهودي المتطرف راحيم عمانوئيل Rahm Emanuelبزيارة للصين الشعبية مؤخراً، وذلك من أجل دعم العلاقات الوثيقة بين شيكاغو والصين، وتشجيع الإستثمارات الصينية في المدينة الأميركية على حدّ ما جاء في البيانات الرسمية.
وقد أتت هذه الزيارة في سياق العلاقات المميزة التي بدأت تتوطد بين اللوبي اليهودي العالمي والصين.
اللوبي اليهودي في فرنسا: السلطات الفرنسية بصدد منع مسرحية "معادية للسامية"
أعلن وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس Manuel Vallsأنه يدرس فرض حظر رسمي على العروض التي يقدمها الفنان المسرحي الفرنسي ديودونيه Dieudonné. وقد صدر هذا التصريح من جانب وزير الداخلية بعد أن إشتكى وفد يهودي فرنسي من أعمال هذا الفنان لدى مقابلته (أي مقابلة الوفد اليهودي) للرئيس الفرنسي الإشتراكي فرنسوا هولاند François Hollandeمؤخراً. ومن المحتمل جداً أن يكون قد صدر قرار بهذا الصدد لدى نشر هذا التقرير، أو أن يحصل الأمر في وقت قريب. أما سبب هذه النقمة العارمة على ديودونيه، فيتمثل بأن الفنان المذكور (وهو من أصل مشترك فرنسي كاميروني ويُصنف على أنه من العرق الأسود) يدأب على التنديد بقوة اللوبي اليهودي في أعماله الفنية، كما أنه إبتكر تحية يدوية "فكاهية" مسماة "كينيل" quenelleيعتبر اليهود أنها بمثابة تحية نازية "مقلوبة" موجهة صدهم. وقد إكتسبت هذه التحية شعبية عارمة في فرنسا، وهو ما جعل اليهود يبدون رعباً حقيقياً من أن يعكس الأمر إزدياد "ظاهرة العداء للسامية بفرنسا"، حيث أخذوا يلاحقون الأشخاص الذين يتصورون وهم يلقون هذه التحية، بمن فيهم جنديين فرنسيين عوقبا لأنهما نشرا صورة لهما على موقع فايسبوك Facebookوهما يقفان أمام كنيس يهودي بالعاصمة الفرنسية باريس ويلقيان هذه التحية (وكنا أتينا على هذا الخبر في حينه...)
والجدير بالذكر أن الممثل الفكاهي "ديودونيه" Dieudonnéكان يساري الميول بالأساس، وكان شريكه في العمل المسرحي هو الممثل اليهودي من أصل مغربي إيلي سيمون Elie Semoun. والأمر الذي جعل ديودونيه يعي حقيقة الواقع المافياوي اليهودي أنه تقدم بطلب للحصول على دعم حكومي في مشروع سينمائي يتعلق بالعبودية، وقد تم رفض هذا الطلب، على عكس جميع الطلبات المماثلة التي يتقدم بها اليهود, وبدأ ديودونيه يسخر من اليهود في أعماله الفنية، كما كان يسخر من عدة جهات أخرى قبل ذلك من غير أن تعترض أية من هذه الجهات على هذا التصرف على أساس أنه عمل فني مسرحي وحسب، لكن إذا كان يجوز بفرنسا إستعمال الأسلوب الفكاهي مع أي كان، فإن ذلك محظور تماماً مع اليهود... وإنتهى الأمر بأن التيارات اليسارية الفرنسية قد تخلت بصورة نهائية عن ديودونيه اليساري أصلاً، في حين تبناه التيار اليميني المتطرف...
هذا، ويأتي هذا التطور ليبيّن مرة جديدة مدى إلتزام فرنسا – ومعظم البلدان الغربية الأخرى أيضاً – بمبادىء "حقوق الإنسان" و"حرية التعبير" حين يتعلق الأمر باليهود...
اللوبي اليهودي في أفريقيا: أسباب تدريب الموساد لنلسون مانديلا أوائل ستينات القرن العشرين
من المعروف أن الرئيس الأفريقي الجنوبي الراحل نلسون مانديلا Nelson Mandelaكان يُعتبر بمثابة رمز النضال ضد "العنصرية" ومن أجل التعايش بين الأعراق. ومن هنا فإن الأنباء التي نشرت عقب وفاته مؤخراً والتي أفادت أنه تلقى تدريباً من جانب جهاز الموساد في الحبشة بداية ستينات القرن العشرين، (قبيل إعتقاله بقليل من جانب سلطات أفريقيا الجنوبية حينها) أحدثت نوعاً من الصدمة لدى البعض.
المسألة يجب أن لا تُعطى حجماً أكبر مما تستحق: فالكيان اليهودي "إسرائيل" كان يتطلع في بداية ستينات القرن العشرين إلى توطيد علاقاته مع الأفارقة، من دول نالت إستقلالها حديثاً أو مجموعات، ومن هنا جرى تدريب اليهود لنلسون مانديلا. أما بالنسبة إلى هذا الأخير، فإنه كان يسعى للحصول على الدعم والمساعدة من أية جهة، ولم يكن عنده أي مانع مبدئي من التعامل مع اليهود.
ما يجب أن يكون مفهوماً هو أن اليهود يسعون على الدوام على إقامة علاقات يستطيعون الإفادة منها، مثلاً من أحل إلحاق الأذى بمصالح الجاليات العربية الكبيرة في العديد من البلدان الأفريقية جنوبي الصحراء الكبرى. وكان ينبغي أن يأتي الرد العربي على هذه المخططات اليهودية بإتباع سياسات متشددة لمقاطعة اليهود والكيان الصهيوني "إسرائيل" لكي تدرك جميع الجهات الدولية، من أفريقية وغير أفريقية، أن مصلحتها تقضي برفض أي تعامل مع اليهود، وليس العكس...
المؤسف أن الوضع العربي الحالي لا يترك ثمة مجالاً كبيراً لإتباع سياسة مدروسة ومخطط لها من هذا القبيل، أقله من جانب الحكومات العربية. ويبقى أن تتحرك المجموعات الشعبية في هذا الإتجاه...
|